
أحمد الجنابي – واشنطن
الأمريكيون شعب جاهل؟ لماذا الأميركيون شعب تنقصه الثقافة العامة؟
أسئلة لطالما تتردد على ألسنة الناس في الولايات المتحدة، ويسمع المرء أجوبة وتفسيرات مختلفة، إلا أن الأسبوع الماضي شهد نشر استطلاع رأي بيّن أن الأميركيين يجهلون حتى الحقائق المتعلقة بلغتهم الإنجليزية، أكثر لغات العالم شيوعا، الأمر الذي أثار تساؤلات على المستويين الاجتماعي والتربوي.
أجرى الاستطلاع موقع سيفيك ساينس المتخصص، وكان السؤال “هل تؤيد قيام المدارس الأمريكية باستخدام الأرقام العربية في المناهج الدراسية؟”. اشترك في الاستطلاع 3200 شخصا أجاب 56% منهم بـ “لا” و29% أجابوا بـ “نعم” والباقي أجاب بـ “لا أدري”.لماذا يبدو الأمر مهما؟
- يبدو أن جميع المستطلعة آراؤهم وعلى اختلاف أجوبتهم كانوا يجهلون حقيقة أن الأرقام التي تستخدم في اللغة الإنجليزية هي أصلا أرقام عربية وليست غربية، ووصف المدير التنفيذي لسيفيك ساينس جون ديك الاستطلاع بأنه “المضحك المبكي”.
- قال ديك في تغريدة على حسابه وأرفق بها رسما بيانيا لنتائج الاستطلاع “سيداتي وسادتي: (أقدم لكم) دليلا على التزمت الأمريكي لا يوجد في قاعدة بياناتنا ما يفوقه إثارة للحزن والضحك على الإطلاق”.
آراء الشارع الأمريكي
- يقول المواطن ريتشارد بيرتن من ولاية ميريلاند إن الأمريكيين جهلة بما لا يحتاجونه، فهم يعرفون جيدا ما يحتاجونه ولكنهم يفتقرون للدافع لمعرفة ما بعد ما يدور حولهم.
- كريستين ويات وهي أم لثلاثة أطفال، قالت إنها لم تكن تعلم أن الأرقام التي تستخدمها في حياتها اليومية هي أرقام عربية، وعلقت بالقول “لا أعلم لماذا لم أكن أعرف هذه الحقيقة”.
- أما أوليفيا فوري وهي أم لبنت في المرحلة الثانوية فقالت “لا أعلم لماذا لا يعرف الأمريكيون هذه الحقيقة، والسؤال هو هل يعرف القائمون على المناهج الدراسية الأمريكية هذه الحقيقة أصلا”؟
أين المشكلة؟
- لفت الاستطلاع انتباه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية عموما، وذهب جانب كبير من التحليلات إلى إلقاء اللوم على ظاهرة “الخوف من الإسلام” المعروف اصطلاحا بـ “إسلاموفوبيا Islamophbia”.
- قالت الكاتبة الأمريكية ماريسا هيغينز في الموقع الإخباري دايلي كاوس “مشكلة كبيرة في الولايات المتحدة… أعتقد أنه مجرد رؤية الناس لحروف عربية كافيا ليطلق مشاعرهم السلبية”.
- رغم أنه من الصعب بمكان أن يرى المرء الإسلاموفوبيا في الحياة اليومية في الولايات المتحدة، إلا أن هناك شواهد كثيرة على وجود هذه الظاهرة التي تطل برأسها في مواقف معينة عندما يتعلق الأمر باللغة العربية أو أشخاص عرب.
- يقول رائد حلاوة وهو مواطن أمريكي من أصل عربي ويسكن ولاية فرجينيا “من الصعب أن يرى المرء مشاعر العداء للإسلام في الحياة اليومية، ولكن هناك حوادث تشير إلى وجودها”.
- في عام 2016 أثارت علبة من حلويات المعمول العربية عثر عليها ملقاة على الأرض في محطة وقود بولاية بنسلفانيا الأميركية الهلع بسبب الكتابة العربية عليها، وحضور الشرطة لمكان الحادث وإغلاق المحطة وإخلاء حضانة مجاورة واستدعاء وحدة المتفجرات، فقط لتكتشف أن العلبة المثيرة للفزع هي حلويات سقطت سهوا من أحد الأشخاص.
تضخيم غير مفهوم
- هناك من يرى أن الإسلاموفوبيا قد حازت على اهتمام أكثر من اللازم وجرى تضخيمها لأسباب غير مفهومة.
- تقول إليزابيث المدرسة في مدرسة بولاية فرجينيا والتي طلبت أن تُقَدَّم باسمها الأول فقط لأنها غير مخولة بالتحدث للإعلام “بغض النظر عن حقيقة أن الأرقام التي نستخدمها هي عربية وأن الأمريكيين قد لا يعرفون ذلك، ولكن لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالخوف من الإسلام بقدر ما يتعلق بالمشاعر الوطنية والاعتزاز بالنفس، فلو سألت أي مواطن في دولة أخرى فلن يفضل أن تستبدل لغة بلده بلغة أخرى. برأيي هذا هو الموضوع ببساطة”.
كيف انتقلت الأرقام العربية للغرب؟
- تعود القصة إلى النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي، عندما أثارت العلوم العربية والإسلامية اهتمام عالم دين مسيحي فرنسي يدعى غيربرت دورياك فأقام علاقات وثيقة بعلماء ومفكرين من عرب الأندلس ثم ذهب للدراسة في جامعة القرويين بفاس في المغرب والتي أسستها فاطمة الفهرية.
- لفتت سهولة التعامل مع الأرقام العربية انتباه دورياك مقارنة بالنظام الرقمي الروماني الذي كان متبعا في أوربا، فمثلا ثمانية في العربية هي رقم واحد بسيط 8، بينما في النظام الروماني تكتب VIII حيثV هي خمسة وI هو واحد، أي أنه على المرء أن يقوم بجمع 5+3 ليعرف أن المكتوب هو رقم ثمانية.
- نقل دورياك الأرقام العربية معه إلى أوربا واستخدمها في عدّاد يدوي صنعه بنفسه وكان بمثابة آلة حاسبة بدائية وقد حققت نتائج مبهرة في ذلك الوقت حيث استطاع تنفيذ عمليات جمع وطرح معقدة بسرعة قياسية.
- مما ساعد على انتشار الأرقام العربية في أوربا في حينها هو تبوء دورياك لمنصب بابا الفاتيكان عام 999 للميلاد وأصبح اسمه البابا سيلفستر الثاني وظل في منصبه حتى وفاته عام 1003، ولم يمض وقت طويل بعد وفاته حتى اختفت الأرقام الرومانية من أوربا وحلت محلها العربية.
المصدر الجزيرة مباشر
الرابط الأصلي للمادة:
https://bit.ly/2QmQneA